ربنا لاتؤاخذنا ان نسينا او اخطئنا ربنا ولا تحمل علينا اصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا لا تحملنا مالا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا انت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين

11.27.2010

نظرية بلطيم الانتخابية

نظرية بلطيم الانتخابية

 فى انتخابات مجلس الشعب عام 1995 ذهبت ضمن مجموعة كبيرة من زملاء صحفيين ينتمون لوسائل إعلام مختلفة لتغطية انتخابات دائرة بلطيم بمحافظة كفر الشيخ، باعتبارها من الدوائر المشتعلة وقتها.

طرفا المعركة كان القيادى الناصرى حمدين صباحى ومرشح آخر لم أعد أتذكر اسمه للأسف، كانت دعاية صباحى تراه ممثلا لسطوة المال والعصبية القبلية.

فى الثامنة من صباح يوم الانتخابات فوجئ صباحى المنتمى لبلطيم بكل مندوبيه عائدين من لجان مدينة وقرى الحامول والدماء تسيل من رءوسهم ووجوههم و«حالهم يصعب على الكافر»، وكان اللافت للنظر أيضا أن النائب المنافس لم يرسل أى مندوب له إلى أى لجنة تابعة لمدينة بلطيم أو القرى المحسوبة على أنها ستصوت لصباحى.

المرشح الناصرى سارع بالاتصال بمنافسه يسأله مستنكرا لماذا فعل أنصاره ذلك؟ وجاءت الإجابة من أغرب ما يكون وهى أن إرسال حمدين لمندوبين له إلى الحامول يعد إهانة للمرشح المنافس الذى يحترم حمدين وبالتالى لم يرسل مندوبين تابعين له إلى بلطيم.

والمغزى من هذا الرد أن كل مرشح «يقفل» المناطق التى يسيطر عليها.

هذا «الابداع المصرى فى وسائل التزوير» أو الطريقة الجهنمية قد تكون وسيلة متعارفا عليها فى بعض مناطق الريف، لكن مشكلتها أن أصوات لجان بلطيم كانت نحو نصف الأصوات الموجودة فى الحامول، وبالتالى، فإذا قام كل مرشح «بتسويد وتقفيل» مناطقه فإن حمدين سيخسر تماما.

وقتها أيضا كنا صحفيين شبابا وكنا نعتقد أننا نغطى انتخابات فى ضواحى ستوكهلم أو أوسلو وليس برارى الحامول.. دخلت بعض الزميلات إلى لجنة انتخابية هناك، فقام مندوبو المرشح المنافس بطردهن وضربهن وتقطيع ملابسهن وسبهن بألفاظ بذيئة.

وفى لجنة أخرى دخل خالد داود مراسل «الجزيرة» الآن فى الولايات المتحدة، وكان وقتها يعمل فى وكالة رويترز، لكن أشخاصا، لم يعرف من هم، منعوه فقال لهم: أنا من رويترز، معتقدا أنهم سوف يعتذرون له ويفسحون له الطريق، لكنه فوجئ بهم يقولون له: «وكمان من الوكالة الكافرة الفاجرة اللى بتشتم الحكومة»!!. بالطبع رويترز لم تكن تشتم الحكومة لكن وعى الناس المحدود وقتها صور لهم ذلك.

انتهت الانتخابات وفاز المرشح المنافس بالطرق التقليدية المعمول بها فى مصر.. طعن حمدين واشتكى، لكن لا أحد استمع له، ثم تمكن من النجاح فى الانتخابات الماضية بفضل قدرة أنصاره على منع التزوير.

هل تغير المشهد فى مصر كلها الآن مقارنة بما كان عليه عام 1995؟.

لا أستطيع الجزم.. قد يكون الوعى ارتفع ووسائل الدعاية تطورت، لكن العصبية والقبلية والعنف زادوا بصورة واسعة.
الحكومة قد لا تعطى تعليمات محددة بالتزوير، والأمن قد لا يتدخل بالمرة.. لكن حتى لو حدث ذلك فإن التزوير قد يقع بين المرشحين أنفسهم.

عندما يكون الناخب واعيا بحقوقه وعارفا بخلفيات المرشحين وبرامجهم وعندما يستطيع الوصول إلى اللجنة، ويصوت بحرية، ويصل صوته لمن يستحقه، وقتها قد نكون بدأنا الخطوة الأولى نحو الانتخابات النزيهة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق